سورة يونس - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{ثُمَّ جعلناكم خلائف فِى الأرض مِن بَعْدِهِم} استخلفناكم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر. {لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} أتعملون خيراً أو شراً فنعاملكم على مقتضى أعمالكم، وكيف معمول تعملون فإن معنى الاستفهام يحجب أن يعمل فيه ما قبله، وفائدته الدلالة على أن المعتبر في الجزاء جهات الأفعال وكيفياتها لا هي من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح أخرى.


{وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ قَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} يعني المشركين. {ائت بِقُرْءانٍ غَيْرِ هذا} بكتاب آخر نقرؤه ليس فيه ما نستبعده من البعث والثواب والعقاب بعد الموت، أو ما نكرهه من معايب آلهتنا. {أَوْ بَدّلْهُ} بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى ولعلهم سألوا ذلك كي يسعفهم إليه فيلزموه. {قُلْ مَا يَكُونُ لِى} ما يصح لي. {أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِى} من قبل نفسي وهو مصدر استعمل ظرفاً، وإنما اكتفي بالجواب عن التبديل لاستلزام امتناعه الإتيان بقرآن آخر. {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ} تعليل لما يكون فإن المتبع لغيره في أمر لا يستبد بالتصرف فيه، وجواب للنقض بنسخ بعض الآيات ببعض ورد لما عرضوا له بهذا السؤال من أن القرآن كلامه واختراعه ولذلك قيد التبديل في الجواب وسماه عصياناً فقال: {إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى} أي بالتبديل. {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وفيه إيماء بأنهم استوجبوا العذاب بهذا الاقتراح.


{قُل لَّوْ شَاء الله} غير ذلك. {مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} ولا أعلمكم به على لساني، وعن ابن كثير {ولأدراكم} بلام التأكيد أي لو شاء الله ما تلوته عليكم ولأعلمكم به على لسان غيري. والمعنى أنه الحق الذي لا محيص عنه لو لم أرسل به لأرسل به غيري. وقرئ: {ولا أدرأكم} {ولا أدرأتكم} بالهمز فيهما على لغة من يقلب الألف المبدلة من الياء همزة، أو على أنه من الدرء بمعنى الدفع أي ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤنني بالجدال، والمعنى أن الأمر بمشيئة الله تعالى لا بمشيئتي حتى اجعله على نحو ما تشتهونه ثم قرر ذلك بقوله: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً} مقداراً عمر أربعين سنة. {مِن قَبْلِهِ} من قبل القرآن لا أتلوه ولا أعلمه، فإنه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة فإن من عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علماً ولم يشاهد عالماً ولم ينشئ قريضاً ولا خطبة، ثم قرأ عليهم كتاباً بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلا عن كل منثور ومنظوم، واحتوى على قواعد علمي الأصول والفروع وأعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هي عليه علم أنه معلم به من الله تعالى. {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي أفلا تستعملون عقلوكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا أنه ليس إلا من الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8